فصل: ذكر غزو أسدٍ الختل

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الكامل في التاريخ **


  ذكر قتل المغيرة بن سعيد وبيان

في هذه السنة خرج المغيرة بن سعيد وبيان في ستة نفر وكانوا يسمون الوصفاء وكان المغيرة ساحرًا وكان يقول‏:‏ لو أردت أن حيي عادًا وثمودًا وقرونًا بين ذلك كثيرًا لفعلت‏.‏

وبلغ خالد بن عبد الله القسري خروجهم بظهر الكوفة وهو يخطب فقال‏:‏‏:‏ أطعوني ماء فقال يحيى بن نوفل في ذلك‏:‏ أخالد لا جزاك الله خيرًا وأير في حر امك من أمير وكنت لدى المغيرة عبد سوء تبول من المخافة للزئير وقلت لما اصابك أطعموني شرابًا ثم بلت على السرير لأعلاج ثمانية وشيخٍ كبير السن ليس بذي نصير فأرسل خالد فأخذهم وأمر بسريره فأخرج إلى المسجد الجامع وأمر بالقصب والنفط فأحضرا فأحرقهم وارسل إلى مالك بن أعين الجرمي فسأله فصدقه فتركه‏.‏

وكان رأي المغيرة التجسيم يقول‏:‏ إن الله على صورة رجل على رأسه تاج وإن أعضاءه على عدد حروف الهجاء ويقول ما لاينطق به لسان تعالى الله عن ذلك يقول‏:‏ إن الله تعالى لما أراد

أن يخلق تكلم باسمه الأعظم فطار فروقع على تاجه ثم كتب بإصبعه على كفه أعمال عباده من المعاصي والطاعات فلما رأى المعاصي ارفض عرقًا فاجتمع من عرقه بحران أحدهما ملح مظلم والآخر عذب نير ثم اطلع في البحر فرأى ظله فذهب ليأخذه فطار فأدركه فقلع عبيني ذلك الظل ومحقه فخلق من عينيه الشمس وسماء أخرى وخلق من البحر الملح الكفار ومن البحر العذب المؤمنين وكان يقول بإلهية علي وتكفير أبي بكر وعمر وسائر الصحابة إلا من ثبت مع علي وكان يقول‏:‏ إن الأنبياء لم يختلفوا في شيء من الشرائع وكان يقول بتحريم ماء الفرات وكل نهر أو عين أو بئر وقعت فيه نجاسة وكان يخرج إلى المقبرة فيتكلم فيرى أمثال الجراد علاى القبور‏.‏

وجاء المغيرة إلى محمد الباقر فقال له‏:‏ أقرر أنك تعلم الغيب حتى أجبي لك العراق‏.‏

فنهره وطرده‏.‏

وجاء إلى ابنه جعفر بن محمد الصادق فقال له مثل ذلك فقال‏:‏ أعوذ بالله‏!‏ وكان الشعبي يقول للمغيرة‏:‏ ما فعل الإمام فيقول‏:‏ لأتتهزأ به فيقول‏:‏ لا إنما أتهزأ بك‏.‏

وأما بيان فإنه يقول بإلهية علي وإن الحسن والحسين إلهان ومحمد بن الحنفية بعدهم ثم بعده ابنه أو هشام بن محمد بنوع من التناسخ وكان يقول‏:‏ إن الله تعالى بفنى جميعه إلا وجهه ويحتج بقوله‏:‏ ‏{‏ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام‏}‏ ‏[‏الرحمن‏:‏ ‏]‏‏.‏

تعالى الله عما يقول الظالمون والجاحدون علوًا

  ذكر خبر الخوارج

هذه السنة وفي هذه السنة خرج بهلول بن بشر الملقب كثارة وهو من الموصل من شيبان‏.‏

فقيل‏:‏ وكان سبب خروجه أنه خرج يريد الحج فأمره غلامه يبتاع له خلا بدرهم فأتاه بخمر فأمره بردها وأخذ الدرهم فلم يجبه صاحب الخمر إلى ذلك فجاء بهلول إلى عامل القرية وهي من السواد فكلمه فقال العامل‏:‏ الخمر خير منك ومن قولك‏.‏

فمضى في حجه وقد عزم على الخروج فلقي بمكة من كان على مثل رأيه فاتعدوا قرية من قرى الموصل فاجتمعوا بها وهم أربعون رجلًا وأمروا عليهم بهلولًا وكتموا أمرهم وجعلوا لا يمرون بعامل إلا أخبروه أنهم قدموا من عند هشام على بعض الأعمال وأخذوا دواب البريد فلما انتهوا إلى القرية التي ابتاع الغلام بها الخمر قال بهلول‏:‏ نبدأ بهذا العامل فنقلته‏.‏

فقال أصحابه‏:‏ نحن نريد قتل خالد فإن بدأنا بهذا شهر أمرنا وحذرنا خالد وغيره فنشدناك الله أن نقتل هذا فيفلت منا خالد الذي يهدم المساجد ويبني البيع والكنائس ويولي المجوس على المسلمين وينكح أهل الذمة المسلمات لعلنا نقتله فيريح الله من‏.‏

قال‏:‏ والله لا أدع ما يلزمني لما بعده وأرجو أن أقتل هذا وخالدًا فقتله فعلم بهم الناس أنهم خوارج وهربوا وخرجت البريد إلى خالد فأعلموه بهم ولا يدرون من فخرج خالد من واسط وأتى الحيرة وكان بها جند قد قدموا من الشام مددًا لعامل الهند فأمرهم خالد بقتاله وقال‏:‏ من قتل منهم رجلًا أعطيته عطاء سوى ما أخذ في الشام وأعفيته من الخروج إلى هند‏.‏

فساعوا إلى ذلك فتوجه مقدمهم وهو من بني القين ومعه ستمائة منهم فضم إليه خالد مائتين من الشرط فالتقوا على الفرات فقال القيني لمن معه من الشرط‏:‏ لا تكونوا معنا ليكون الظفر له ولأصحابه‏.‏

وخرج إليهم بهلول فحمل على القيني فطعنه فأنفذه وانهزم أهل الشام والشرط وتبعهم بهلول وأصحابه يقتلونهم حتى بلغوا الكوفة‏.‏

فأما أهل الشام فكانوا على خيل جياد ففاتوه وأما شرط الكوفة فأدركهم فقالوا‏:‏ أتق الله فينا فإنا مكرهون مظهرون فجعل يقرع رؤوسهم بالرمح ويقول‏:‏ النجاء‏.‏

فوجد بهلول مع القيني بدرة فأخذها‏.‏

وكان في الكوفة ستة يرن رأي بهلول فخرجوا إليه فقتلوا بصريفين فخرج بهلول ومعه البدرة قالك من قتل هؤلاء حت أعطيه هذه البدرة فجاء قوم فقالوا‏:‏ نحن قتلناهم وهم يظنونه من عند خالد فقال بهلول لأهل القرية‏:‏ اصدق هؤلاء قالوا‏:‏ نعم فقتلهم وترك أهل القرية‏.‏

وبلغت الهزيمة خالدًا وما فعل بصريفين فوجه إليه قائدًا من شيبان أحد بني حوشب بن يزيد بن رويم فلقيه فيما بين الموصل والكوفة فانهزم أهل الكوفة فأتوا خالدًا‏.‏

فارتحل بهلول من يومه يريد الموصل فكتب عامل الموصل إلى هشام بن عبيد الملك يخبره بهم ويسأله جندًا فكتب إليه هشام‏:‏ وجه إليه كثارة بن بشر‏.‏

وكان هشام لا يعرف بهلولًا إلى بلقبه فكتب إليه العامل أن الخارج هو كثارة‏.‏

ثم قال بهلول لأصحابه‏:‏ إنا والله ما نصنع بابن النصرانية شيئًا يعني خالدًا فبم لا نطلب الرأس الذي سلط خالدًا فسار يريد هشامًا بالشام فخاف عمال هشام من هشام إن تركوه يجوز إلى بلادهم فسير خالد جندًا من العراق وسير عامل الجزيرة جندًا من الجزيرة ووجه هشام جندًا من الشام واجتمعوا بدير بين الجزيرة والموصل وأقبل بهلول إليهم وقيل التقوا بكحيل دون الموصل فنزل بهلول على باباب الدير وهو في سبعين وحمل عليهم فقتل منهم نفرًا عامة نهاره وكانوا عشرين ألفًا فأكثر فيهم القتل والجراح ثم إن بهلولًا وأصحابه عقروا دوابهم وترجلوا فاتلوا قتالًا شديدًا فقتل كثير من أصحاب بهلول فطعن بهلول فصرع فقال له أصحابه‏:‏ ول أمرنا‏.‏

فقال‏:‏ إن هلكت فأمير المؤمنين دعامة الشيباني وإن هلك فأمروا عمرو اليشكري‏.‏

ومات بهلول من ليلته فلما أصبحوا هرب دعامة وخلاهم فقال الضحاك بن قيس يرثي بهلولًا‏:‏ بدلت بعد أبي بشرٍ وصحبته قومًا علي مع الأحزاب أعوانًا كأنهم لم يكونوا من صحابتنا ولم يكونوا لنا بالأمس خلانا خلوا لنا ظاهر الدنياوبطانها وأصبحوا في جنان الخلد جيرانا فلما قلتل بهلول خرج عمرو اليشكري فلم يلبث أن قتل‏.‏

وخرج البختري صاحب الأشهب وبهذا كان يعرف على خالد في ستين فوجه إليه خالد السمط بن مسلم البجلي في أربعة آلاف قالتقوا بناحية الفرات فانهزمت الخوارج فتقلاهم عبيد أهل الكوفة وسفلتهم فرموهم بالحجارة حتى قتلوهم‏.‏

ثم خرج وزير السختياني على خالد بالحيرة في نفر فجعل لا يمر بقرية إلا أحرقها ولا يلقى أحدًا إلا قتله وغلب على ما هنالك وعلى بيت المال فوجه إليه خالد جندًا فقاتلوا عامة أصحابه وأثخن بالجراح وأتي به خالد وأقبل على خالد فوعظه فأعجب خالدًا ما سمع منه فلم يقتله وحبسه عنده وكان يؤتى به في الليل فيحادثه‏.‏

فسعي بخالد إلى هشام وقيل‏:‏ أخذ حوريًا قد قتل وحرق وأباح لأموال فجعله سميرًا فغضب هشام وكتب إليه يأمره بقتله وكان خالد يقول‏:‏ إني أنفس به عن الموت فأخر قتله فكتب إليه هشام ثانيًا يذمه ويأمره بقتله وإحراقه فقتله وأحرقه ونفرًا معه ولم يزل يتلو القرآن حتى مات وهو يقرأ‏:‏ ‏{‏قل نار جهنم أشد حرًا لو كانوا يفقهون‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 81‏]‏‏.‏

وفي هذه السنة خرج الصحاري بن شبيب بن يزيد بناحية جبل وكان قد أتى خالدًا يسأله الفريضة فقال خالد‏:‏ وما يصنع ابن شبيب بالفريضة فمضى وندم خاد وخاف أن يفتق عليه فتقًا فطلبه لم يرجع إليه وسار حتى جبل وبها نفر من بني تيم اللات بن ثعلبة فأخبرهم فقالوا‏:‏ وما ترجو من ابن النصرانية كنت أولى أن تسير إليه بالسيف فتضربه به‏.‏

فقال‏:‏ والله ما أردت الفريضة وما أردت إلا التوصل إليه لئلا ينكرني ثم أقتله بفلان يعني بفلان رجلًا من قعدة الصفرية وكان خالد قتله صبرًا ثم دعاهم إلى الخروج معه فتبعه منهم ثلاثون رجلًا وخرج بهم فبلغ خبره خالدًا وقال‏:‏ قد كنت خفتها منه ثم وجه إليه خالد جندًا فلقوه بناحية المناذر فقاتلهم قتالًا شديدًا فقتلوه وجميع أصحابه‏.‏

  ذكر غزو أسدٍ الختل

وفيها غزا أسد الختل فوجه مصعب بن عمرو الخزاعي إليها فسار فنزل بقرب بدر طرخان فطلب الأمان ليخرج إلى اسد فآمنه مصعب فسيره إلى أسد فسأله أن يقبل منه ألف ألف درهم فأبى أسد وقال‏:‏ إنك دخلتها وأنت غريب من أهل الباميان أخرج من الختل كما دخلت‏.‏

قال بدرطرخان‏:‏ فأنت دخلت إلى خراسان على عشرة من الدواب ولو خرجت منها لم تحتمل على خمسمائة بعير وغير ذلك إني دخلت الختل شابًا فاردد علي شبباب وخذ ما كسبت منها‏.‏

فغضب أسد ورده إلى مصعب ليمكنه من العود إلى حصنه فوصل بدرطرخان مع مولى لأسد إلى مصعب فاخذه سلمة بن عبيد الله وهو من الموالي وقال‏:‏ إن الأمير يندم على تركه وحبسه عنده‏.‏

وأقبل أسد بالناس فقال لمجشر بن مزاحم‏:‏ كيف أنت قال مجشر‏:‏ كنت أمس أحسن حالًا مني اليوم كان بدرطرخان في أدينا وعرض ما عرض فلا الأمير قبل منه ما عرض عليه ولا هو شد يديه عليه ولكنه خلى سبيله وأمر بإدخاله حصنه‏.‏

فندم أسد عند ذلك وأرسل إلى مصعب يسأله‏:‏ هل دخل بدرطرخان حصنه ظام لا فجاء الرسول فوجده عند سلمة بن عبيد الله فحوله أسد إليه وأمر به فقطعت يده وقال‏:‏ من هاهنا من أولياء أبي فديك رجل من الأزد كان بدرطرخان قد قتله فقالم رجل مكن الأزد فقال‏:‏ أنا فقال‏:‏ أضرب عنقه ففعل‏.‏

وغلب أسد على القلعة العظمى وبقيت قلعة فوقها صغيرة وفيها ولده وأمواله فلم يوصل إليها‏.‏

وفرق أسد العسكر في أودية الختل فملأ أيديهم من الغنائم والسبي وهرب أهله إلى الصين‏.‏

في هذه السنة غزا الوليد بن القعقاع أرض الروم‏.‏

وحج بالناس في هذه السنة أبو شاكر مسلمة بن هشام بن عبد الملك وحج معه ابن شهاب الزهري‏.‏

وكان العامل على مكة والمدينة والطائف محمد بن هشام المخزومي وعلى العراق والمشرق كله خالد القسري وعلى خراسان أخوه أسد وقيل‏:‏ كان أسد قد هلك في هذه السنة واستخلف عليها جعفر بن حنظلة البهراني وقيل‏:‏ إنما هلك أسد سنة عشرين ومائة وعلى ما نذكره إن شاء الله تعالى‏.‏

وفيها غزا مروان بن محمد أرمينية فدخل بلاد اللان وسار فيها حتى خرج منها إلى بلاد الخزر فمر ببلنجر وسمندر وانتهى إلى البيضاء التي يكون فيها خاقان فهرب خاقان منه‏.‏

وفيها توفي حبيب بن أبي ثابت‏.‏

وعبد الرحمن بن سعيد بن يربوع المخزومي‏.‏

وقيس بن سعد المكي‏.‏

وسليمان بن موسى الأشدق‏.‏

وإياس بن سلمة بن الأكوع

  ثم دخلت سنة عشرين ومائة

  ذكر وفاة أسد بن عبد الله

في هذه السنة في ربيع الأول توفي أسد بن عبد الله القسري بمدينة بلخ وكان سبب موته أنه كان به دبيلة في جوفه فأصابه مرض قم أفاق منه فخرج يومًا فأتي بكمثرى أول ما جاء فأطعم الناس منه واحدة واحدة وزأخذ كثراة فرمى بها إلى خراسان دهقان هراة فانقطعت الدبيلة فهلك واستخلف جعفر ابن حنظلة البهراني فعمل أربعة أشهر ثم جاء عهد نصر بن سيار بالعمل في رجب سنة احدى وعشرين‏.‏

وكان هذا خراسان دهقان هراة خصيصًا بأسد فقدم عليه في المهرجان ومعه من الهدايا والتحف ما لم يحمل غيره مثله وكانت قيمة الهدية ألف ألف‏.‏

وقال لأسد‏:‏ إنا معشر العجم أكلنا الدنيا أرعمائة سنة بالحلم والعقل والوقار وكان الرجال فينا ثلاثة‏:‏ ميمون النقية أين ما توجه فتح الله عليه والذي يليه رجل تمت مروته في بيت فإن كان كذلك رحب وحيا ورجل رحب صدره وبسط يده فإذا كان كذلك قدم وقود وقد جعل الله صفات هؤلاء فيك فما يعلم أحدًا هو أتم كتخذانية منك إنك عزيز ضابط أهل بيتك وحشمك ومواليك فليس منهم من يستطيع أن يعتدي على صغير ولا كبير ثم بنيت الإيوانات في المفاوز من أحسن ما عمل ومن يمن نقيبتك أنك لقيت خاقان وهو في ماة ألف ومعه الحارث بن سريج فهزمته وقتلته وقتلت أصحابه وأبحت عسكره وأما رحب صدرك وبسط يدك فإنا لا ندري أي المالين أحب إليك وأمال قدم عليك أم مال خرج من عندك بل أنت بما خرج أقر عينًا‏.‏

فضحك أسد وقال‏:‏ أنت خير دهاقينا وفرق جميع الهدية بين أصحابه‏.‏

ولما مات أسد رثاه ابن عرس العبدي فقال‏:‏ ببلخٍ وافق المقدار يسري وما لقضاء ربك من دفاع فجودي عين بالعبرات سحًا ألم يحزنك تفريق الجماع في أبيات غيرها‏.‏

ولما مات أسد كتب مسلمة بن هشام بن عبد الملك وهو أبو شاكر إلى خالد القسري‏:‏ أراح من خالدٍ فأهلكه رب أراح العابد من أسد أما أبوه فكان مؤتشبًا عبدًا لئيمًا لأعبدٍ فقد يرى الزنى والصليب والخمر والخنزير رحلا والغي كالرشد وأمه همها وبغيتها هم الإماء العواهر الشرد كافرة بالنبي مؤمنة بقسها والصليب والعمد يعني المعمودية‏.‏

فلما قرأ خالد الكتاب قال‏:‏ يا عباد الله من رأى كهذه تعزية رجل من أخيه وكان ما بين خالد وأبي شاكر مباعدة وسببها أن هشامًا يرشح ابنه أبا شاكر للخلافة فقال الكميت‏:‏ إن الخلافة كائن أو تادها بعد الوليد إلى ابن أم حكيم يعني أبا شاكر وأمه أم حكيم فبلغ الشعر خالدًا فقال‏:‏ أنا كافر بكل خليفة يكنى أبا ساكر

  ذكر شيعة بني العباس بخراسان

وفي هذه السنة وجهت شيعة بني العابس بخراسان إلى محمد بن علي بن عبد الله بن العباس سليمان بن كثير ليعلمه أمرهم وما هم عليه‏.‏

وكان سبب ذلك أم محمدًا ترك مكاتبتهم ومراسلتهم بطاعتهم التي كانت لخداش الذي تقدم ذكره وقبولهم منه ماروي عنه من الكذب‏.‏

فلما أبطأت كتبه ورسله عليهم أرسلوا سليمان ليعلم الخبر فقدم عليه فعنفه محمد في ذلك ثم صرف سليمان إلى خراسان ومعه كتاب مختوم فغضوه فلم ير فيه إلا بسم الله الرحمن الرحيم فعظم ذلك عليهم وعلموا مخالفة خداش لأمره ثم وجه محمد بمن علي إليهم بكير بن ماهان بعد عود سليمان من عنده وكتب معه إليهم يعلمهم كذب خداش فلم يصدقوه واستخفوا به فانصرف بكير إلى محمد فبعث معه يعصي مضببة بعضها بحديد وبعضها بنحاس فجمع بكير النقباء والشيعة ودفع إلى كل واحد منهم عصًا فعلموا أنهم مخالفون لسيرته فتابوا ورجعوا‏.‏

  ذكر عزل خالد بن عبد الله القسري وولاية يوسف بن عمر الثقفي

وفي هذه السنة عزل هشام بن عبد الملك خالدًا عن أعمالهل جميعها وقد اختلفوا في ذلك وسببه‏.‏ قيل‏:‏ إن فروخ أبا المثنى كان على ضياع هشام بنهر الرمان فثقل مكانه على خالد فقال خالد لحيان النبطي‏:‏ اخرج إلى هشام وزد على فروخ ففعل حيان ذلك وتولاها فصار حيان أثقل على خالد من فروخ فجعل يؤذيه فيقول حيان‏:‏ لا تؤذي وأنا صنيعتك فابى إلا أذاه‏.‏

فلمكا قدم عليه بثق البثوق على الضياع ثم خرج إلى هشام فقال له‏:‏ إن خالدًا بثق البثوق على ضياعك‏.‏

فوجه هشام من ينظر إليها فقال حيان لخادم من خدم هشام‏:‏ إن تكلمت بكلمة أقولها لك حيث يسمع هشام فلك ألف دينار‏.‏

قال‏:‏ فعجاها وأقول ما شئت فأعطاه ألفًا وقال له‏:‏ تبكي صبيان هشام فإذا بكى فقل له‏:‏ اسكت‏!‏ والله لكأنك ابن خالد القسري الذي غلته ثلاثة عشر ألف ألف‏.‏

ففعل الخادم فسمعها هشام فسأل حيان عن غلة خالد فقال‏:‏ ثلاثة عشر ألف ألف‏.‏

فوقرت في نفس هشام‏.‏

وقيل‏:‏ كانت غلته عشرين ألفًا وإنه حفر بالعراق الأنهار منها نهر خالد وباجرى وترمانا والمبارك والجمع وكورة سابور والصلح وكان كثيرًا ما يقول‏:‏ غني مظلوم ما تحت قدمي شيء إلا هو لي يعني أن عمر جعل لبجيلة ربع السواد‏.‏

وأشار عليه العريان بن الهيثم وبلال بن أبي بردة بعرض املاكه على هشام ليأخذ منها ما أراد ويضمنان له الرضا فإنهما قد بلغهما تغير هشلم عليه فلم يفعل ولم يجبهما إلى شيء‏.‏

وقيل لهشام‏:‏ إن خالدًا قال ولدجه‏:‏ ما أنت بدون مسلمة بن هشام‏!‏ ودخل رجل من آل عمرو بن سعيد بن العاص على خالد في مجلسه فأغلظ له في القول فكتب إلى هشام يشكو خالدًا فكتب هشام إلى خالد يذمه ويلومه ويوبخه ويأمره أن يمشي راجلًا إلى بابه ويترضاه فقد حعل عزله وولايته إليه وكان يذكر هشامًا فيقول‏:‏ ابن الحمقاء وكان خالد يخطب فيقول‏:‏ زعمتم أني أغلي أسعاركم فعلى من يغليها لعنة اللهّ وكان هشام كتب إليه ألا تبيعن من الغلات شيئًا حتى تباع غلات أمير المؤمنين فبلغت كيلها دارهم‏.‏

وكان يقول لابنه‏:‏ كيف أنت إذا احتاج إليك أمير المؤمنين فبلغ هذا جميعه أمير المؤمنين هشامًا فتنكر له‏.‏

وبلغه أيضًا أنه يستقل ولاية العراق فكتب إليه هشام‏:‏ يا بن أم خالد بلغني أنك تقول‏:‏ ما ولاية العراق لي بشرف‏.‏

يا بن اللخناء كيف لا تكون إمرة العراق لك شرفًا وأنت من بجيلة القليلة الذليلة أما والله إني لأظن أن لأول من يأتيك صغير من قريش يشد يديك إلى عنقك‏.‏

ولم يزل يبلغه عنه ما يكره فعزم على عزله فكتم ذلك وكتب إلى يوسف ابن عمر وهو باليمن

يأمره أن يقدم في ثلاثين من اصحابه إلى العراق فقد ولاه ذلك فسار يوسف إلى الكوفة فعرس قريبًا منها وقد ختن طارق خليفة خالد بالكوفة ولده فأهدى إليه ألف وصيف ووصيفة سوى الأموال والثياب فمر بيوسف بعض أهل العراق فسألوه‏:‏ ما أنتم وأين تريدون قالوا‏:‏ بعض المواضع‏.‏

فأتوا طارثقًا فأخبروه خبرهم وأمروه بقتلهم وقالوا‏:‏ إنهم خوارج‏.‏

فسار يوسف إلى دور ثقيف فقيل لهم‏:‏ ما أنتم فكتموا حالهم وأمر يوسف فجمع إليه من هناك من مضر فلما اجتمعوا دخل المسجد مع الفجر وأمر المذن وأقام الصلاة فصلى وأرسل إلى طارق وخالد فأخذهما وإن القدور لتغلي‏.‏

وقيل‏:‏ لما أراد هشام أن يولي يوسف بن عمر العراق كتم ذلك فقدم جندب مولي يوسف بكتاب يوسف إلى هشام فقرأه ثم ثال لسالم بن عنبسة وهو على الديوان‏:‏ أن أجبه عن لسانك وأتني بالكتاب‏.‏

وكتب هشام بخطه كتابًا صغيرًا إلى يوسف يأمره بالمسير إلى العراق فكتب سالم المتاب وأتى به هشامًا فجعل كتابه في وسطكه وختمه ثم دعا رسول يوسف فأمر به فضرب ومزقت ثيابه ودفع الكتاب إليه فسار‏.‏

فارتاب بشير بنم أبي طلحة وكان خليفة سالم فقال‏:‏ هذه حيلة وقد ولى يوسف العراق فكتب إلى عياض وهو نائب سالم بالعراق‏:‏ إن أهلك قد بعثوا إليك بالثوب اليماني فإذا أتاك فالبسه واحمد الله تعالى وأعلم ذلك طارقًا‏.‏

ثم ندم بشير على كتابه فكتب إلى عياض‏:‏ إن أهلك قد بدا لهم في إرسال الثوب‏.‏

فأتى عياض بالكتاب الثاني إلى طارق فقال طارق‏:‏ الخبر في الكتاب الأول ولكن بشيرًا ندم وخاف أن يظهر الخبر‏.‏

وركب طارق من الكوفة إلى خالد وهو بواسط فرآه داود البريدي وكان على حجابة خالد وديوانه فأعلم خالدًا فأذن له فلما رآه قال‏:‏ ما أقدمك بغير إذان قال‏:‏ أمر كنت أخطأت فيه كنت قد كتبت إلى الأمير أعزيه بأخيه أسد وإنما كان يجب أن آتيه ماشسًا‏.‏

فرق خالد ودمعت عيناه وقال‏:‏ ارجع إلى عملك فأخبره الخبر لما غاب داود اقل‏:‏ فما الرأي قال‏:‏ تركب إلى أمير المؤمنين فتعتذر إليه مما بلغه عنك‏.‏

قال‏:‏ لا أفعل ذلك بغير إذن‏.‏

قال‏:‏ فترسلني إليه حتى آتيك بعهده‏.‏

قال‏:‏ وكم مبلغه قال‏:‏ مائة ألف ألف‏.‏

قال‏:‏ ومن أين آخذها والله ما اجد عشرة آلاف ألف درهم‏!‏ قال‏:‏ أتحمل أنا وفلان وفلان‏.‏

قال‏:‏ إني إذًا للئيم إن كنت أعطيتهم شيئًا وأعود فيه‏.‏

فقال طارق‏:‏ إنما نفيك ونفي أنفسنا بأموالنا وتستأنف الدنيا وتبقى النعمة عليك وعلينا خي من أن يجيء من يطالبنا بالأموال وهي عند أهل الكوفة فيتربصون فنقتل ويأكلون تلك الأموال‏.‏

فأبى خالد‏.‏

فودعه طارق وبكى وقال‏:‏ هذا آخر ما نلتقي في الدنيا‏.‏

ومضى إلى الكوفة وخرج وخرج خالد إلى الجمة‏.‏

وقدم رسول يوسف عليه اليمن فقال‏:‏ أمير المؤمنين ساخط وقد ضربني ولم يتكتب جواب كتابك وهذا كتاب سالم صاحب الديوان‏.‏

فقرأه فلما انتهى إلى آخره قرأ كتاب هشام بخطه وولاية العراق ويامره أن يأخذ ابن النصرانية يعني خالدًا وعماله ويعذبهم حتى يشتفي‏.‏فأخذ ديلًا وسار من يومه واستخلف على اليمن ابنه الصلت فقدم الكوفة في جمادى الآخرة سنة عشرين ومائة فنزل النجف وأرسل مولاه كيسان وقال‏:‏ انطلق فأتني بطارق فإن أقبل فاحمله على إكاف وإن لم يقبل فأت به سحبًا‏.‏

فأتى كيسان الحيرة فأخذ معه عبد المسح سيد أهلها إلى طارق فقال له‏:‏ إن يوسف قد قدم على العراق وهو يستدعيك‏.‏

فقال طارق لكيسان‏:‏ إن أراد الأمير المال أعطيته ما سأل‏.‏

وأقبلوا به إلى يوسف بن عمر فتوافوا بالحيرة فضربه ضربًا مبرحًا يقال خمسمائة سوط ودخل الكوفة وأرسل عطاء بن مقدم إلى خالد بالجمة فاتى الرسول حاجبه وقال‏:‏ استأذن لي على أبي الهيثم فدخل متغير اللون فقال‏:‏ ايذن له فدخل عليه فقال‏:‏ ويل أمها سخطة‏!‏ ثم أخذه فحبسه وصالحه عنه أبان بن الوليد وأصحابه على تسعة آلاف ألف فقيل ليوسف‏:‏ لو لم تفعل لأخذت منه مائة ألف ألف فندق وقال‏:‏ قد رهنت لساني معه ولا آمن ولا أرجع‏.‏

وأخر أصحاب خالدًا فقال‏:‏ قد أخطأتم ولا آمن أن يأخذها ثم يعود ارجعوا فرجعوا فأخبروه أن خالدًا لم يرض فقال‏:‏ قد رجعتم قالوا‏:‏ نعم‏.‏

قال‏:‏ والله لا أرضى بمثلها ولا مثليها فأخذ أكثر من ذلك وقيل‏:‏ أخذ مائة ألف‏.‏

فأرسل يوسف إلى بلال بن أبي بردة فقبضه وكان قد اتخذ بلال بالكوفة دارًا لم ينزلها فأحضره يوسف مقيدًا فأنزله الدار ثم جعلت سجنًا‏.‏

وكان خالد يصل الهاشميين ويبرهم فأتاه محمد بن عبد الله ابن عمرو بن عثمان بن عفان ليستميحه فلم ير منه ما يحب فقال‏:‏ أما الصلة فللهاشميين وليس لنا منه إلا أنه يلعن عليًا فبلغت خالدًا فقال‏:‏ إن أحب نلنا عثمان بشيء‏.‏

وكان خالد مع هذا يبالغ في سب علي فقيل‏:‏ كان يفعل ذلك نفيًا للتهمة وتقربًا إلى القوم‏.‏

وكانت ولاية خالد العراق في شوال سنة خمس ومائة وعزل في جمادى الأولى ستة عشرين ومائة ولما ولي يوسف العراق كان الإسلام ذليلًا والحكم فيه إلى أهل الذمة فقال يحيى بن نوفل فيه‏:‏ أتانا وأهل الشرك أهل زكاتنا وحكامنا فيما نسر ونجهر فلما أتانا يوسف الخير أشرقت له الأرض حتى كل وادٍ منور وحتى رأينا العدل في الناس ظاهرًا وما كان من قبل العقيلي يظهر في أبيات‏.‏

ثم قال بعد ذلك‏:‏ كأهل النار حين دعوا أغيثوا جميعًا بالحميم وبالصديد وكان في يوسف أشياء متباينة متناقه كان طويل الصلاة ملازمًا للمسجد ضاباطًا لحشمه وأهله عن الناس لين الكلام متواضعًا حسن الملكة كثير التضرع والدعاء فكان يصلي الصبح ولا يكلم أحدًا حتى يصلي الضحى يقرأ القرآن ويتضرع وكان بصيرًا بالشعر والأدب وكان شديد العقوبة مسرفًا في ضرب الأبشار فكان يأخذ الثوب الجديد فيمر ظفره عليه فإن تعلق به طاقه فضرب صاحبه وربما قطع يده‏.‏

وكان أحمق أتي يوما بثوب فقال لكاتبه‏:‏ ما تقول في هذا الثوب فقال‏:‏ كان ينبغي أن تكون بيوته أصغر مما هي‏.‏

فال للحائك‏:‏ صدق يا بن اللخناء‏!‏ فقال الحائك‏:‏ نحن أعلم بهذا‏.‏

فقال لكتابه‏:‏ صدق يا بن اللخناء‏.‏

فقال الكاتب‏:‏ هذا يعمل في السنة ثوبًا أو ثوبين وأنا يمر على يدي في كل سنة مائة ثوب مثل هذا‏.‏

فقال للحائك‏:‏ صدق يا بن اللخناء‏!‏ فلم يزل يكذب هذا مرة وهذا مرة حتى عد أبيات الثوب فوحدها تنقص بيتًا من أحد جانبي الثوب فضرب الحائك مائة سوط‏.‏

وقيل‏:‏ إن يوسف أراد السفر فدعا جواريه فقال لإحداهن‏:‏ تخرجين معي قالت‏:‏ نعم قال‏:‏ يا خبيثة كل هذا من حب النكاح يا خادم اضرب رأسها‏.‏

وقال لأخرى‏:‏ ما تقولين فقالت‏:‏ أقيم على ولدي‏.‏

فقال‏:‏ يا خبيثة أكل هذا زهادة في اضرب رأسها‏.‏وقال لثالثة‏:‏ ما تقولين

قالت‏:‏ ما أدري ما أقول إن قلت ما قالت إحداهما لما نجوت من عقوبتك‏.‏

فقال‏:‏ يا لخناء أوتناقضين ونحجبين اضرب رأسها‏.‏

فضرب الجميع‏.‏

وكان قصيرًا عظيم اللحية وكان يحضر الثوب الطويل ليفصله ليلبسه فإن قال الخياط إنه يفضل منه ضربه فإن قال له الخياط‏:‏ لا يكفينا إلا بعد التصرف في التفصيل سره فكانوا يفصلون له ثيابًا طوالًا ويأخذون ما ينبغي من الثوب يوهمونه أن الثوب لم يكفه فيرضى بذلك‏.‏

وله في هذا الباب أشياء نوادر منها أنه قال يومًا لكاتب له‏:‏ ما حبسك قال‏:‏ اشتكيت ضرسي فدعا بحجام يقلعه ومع ضرس آخر‏.‏

  ذكر ولاية نصر بن سيار الكناني خراسان

لما مات أسد بن عبد الله استشار هشام بنم عبد الملك عبد الكريم بن سليط الحنفي وكان علمًا بخراسان فيمن يوليه فقال عبد الكريم‏:‏ يا أمير المؤمنين أما رجل خراسان حزمًا ونجدة فالكرماني‏.‏

فأعرض عنه وقال‏:‏ ما سمه قال‏:‏ جديع بن علي‏.‏

قال‏:‏ لا حاجة لي فيه وتطير قال‏:‏ فالمسن المجرب يحيى بن نعيم بن هبيرة الشيباني‏.‏

قال‏:‏ ربيعة لا تسد بها الثغور‏.‏

قال عبد الكريم‏:‏ فقلت في نفس‏:‏ كره ربيعة واليمن فأرميه بمضر فقلت‏:‏ عقيل بن معقل الليثي إن غفرت هنةً‏.‏

قال‏:‏ ما هي قلت‏:‏ ليس بالعفيف‏.‏

قال‏:‏ لا حاجة لي فيه‏.‏

قلت‏:‏ منصور بن أبي الخرقاء السلمي إن غفرت نكره فإنه مشؤوم‏.‏

قال‏:‏ غيره‏.‏

قلت‏:‏ فالمجشر بن مزاحم السلمي عاقل شجاع له رأي مع كذب فيه‏.‏

قال‏:‏ لا خير في الكذب‏.‏

قلت‏:‏ يحية بن الحضين‏.‏

قال‏:‏ ألم أخبرك أن ربيعة لا تسد بها الثغور قال‏:‏ نصر بن سيار قال‏:‏ هو لها‏.‏

قلت‏:‏ إن غفرت واحد فإنه عفيف مجرب عاقل‏.‏

قال‏:‏ ما هي قلت‏:‏ عشيرته بها قلقلة‏.‏

قال‏:‏ لا أبالك‏!‏ أتريد عشيرة أكثر مني أنا عشيرته‏.‏

فكتب عهده وبعثه مع عبد الكريم‏.‏

وقد قيل‏:‏ عرض عليه عثمان بن عبد الله بن الشخير وقيل له‏:‏ إنه صاحب شراب وقيل له عن يحيى بن الحضين‏:‏ إنه كثير التيه وقيل له عن قطن بن قتيبة‏:‏ إنه موتور فلم يولهم فاستعمل نصرًا‏.‏

وكان جعفر بن حنظلة الذي استخلفه أسد على خراسان عند موته قد عرض على نصر أن يولويه بخارى فاستشار البختري بن مجاهد مولى بين شيبان فقال له‏:‏ لا تقبلها لأنك شيخ مضر بخراسان وكأنك بعهدك قد حاء على خراسان فلما أتاه سلم عليه بالإمرة فقال له‏:‏ من أين علمت قال‏:‏ كنت تأتيني فلما بعثت إلي علمت أنك قد وليت‏.‏

وأعطى نصر عبد الكريم لما أتاه بعهده عشرة آلاف درهم واستعمل على بلخ مسلم بن عبد الرحمن بن مسلم واستعمل على مرو الروذ وساج ابن بكير بن وساج وعلى هراة الحارث بن عبد الله بن الحشرج وعلى نيسابور زياد بن عبد الرحمن القشيري وعلى خوارزم أبا حفص بن علي ختنه وعلى الصغد قطن بن قتيبة‏.‏

قال رجل من اليمانية‏:‏ ما رأيت عصبية مثل هذا‏.‏

قال‏:‏ بلى‏:‏ التي كانت قبلها فلم يتسعمل أربع سنين إلا مضريًا‏.‏

وعمت خراسان عمارة لم تعمر قبلها وأحسن الولاية والجباية فقال سوار ابن الأشعر‏:‏ أضحت خراسان بعد الخوف آمنةً من ظلم كل غشوم الحكم جبار لما أتى يوسفًا أخبار ما لقيت اختار نصرًا لها نصر بن سيار وأتى نصرًا عهده في رجب سنة عشرين ومائة‏.‏